في زوايا غرف الشاي الهادئة، وعلى طاولات المقاهي الحديثة، يظهر شاي الماتشا الياباني بلونه الأخضر المميز، الذي نشأ في عمق الثقافة اليابانية، فأصبح حضوره لا يقتصر على الاحتفالات، ولكن أصبح جزءًا من الروتين اليومي لحياة الكثير من الأشخاص.
ما هو شاي الماتشا الياباني ؟
إذا لم تكن على دراية بماتشا، فهو مسحوق شاي أخضر ياباني مصنوع من أوراق شاي مجففة مطحونة ناعمًا، يتميز بطعم نباتي مرير قليلاً ولون أخضر زاهي ناتج عن ارتفاع نسبة الكلوروفيل في أوراقه.
يُروَج للشاي الأخضر العادي كمضاد للأكسدة، لكن للماتشا فوائد أكثر، إليك السبب:
عند تحضير أنواع أخرى من الشاي الأخضر، تُنقع الأوراق في الماء الساخن ثم تُرمى، أما عند تحضير الماتشا، فيُخلط المسحوق في الماء الساخن أو الحليب، ونتيجةً لذلك، فإنك تتناول ورقة الشاي كاملةً عند شربها! هذا قد يُخفض من مضادات الأكسدة التي يحتويها ضغط الدم، ويُقلل من خطر الإصابة بأمراض القلب، ويرفع معدل الأيض.
ماذا عن الكافيين؟ حسنًا، يحتوي الماتشا على كافيين أكثر من الشاي الأخضر العادي، لكنه لا يمنحك شعورًا بالنشاط كالقهوة، يمنحك فقط شعورًا بالنشاط والتركيز، مع الحفاظ على الهدوء.
أصل شاي الماتشا
لا يبدأ شاي الماتشا من الفنجان، إنما من ظلال الخيزران، في الحقول الهادئة بالريف الياباني، تُزرع أوراق الكاميلليا سينينسيس بأسلوب مميز يختلف عن باقي أنواع الشاي، قبل الحصاد بثلاثة أسابيع تقريبًا، تُغطى النباتات بحصير من الخيزران أو بأقمشة خفيفة، في خطوة زراعية تُعرف باسم التظليل، هذا الغطاء يُبطئ نمو الأوراق، ويدفع النبات لإنتاج نسبة أعلى من الكلوروفيل، فتكتسب الماتشا لونًا أخضر داكنًا وزاهيًا.
لكن اللون لا يأتي وحده، فمعه تزداد نسبة الأحماض الأمينية، وعلى رأسها الثيانين، الذي يمنح الماتشا طعمًا له طابع خاص يُوصف بـ الأومامي نكهة لا تميل إلى الحدة ولا إلى الحلاوة، إنما تحمل توازنًا مريحًا في الفم، وعند حلول موسم القطف، تُنتقى الأوراق يدويًا، بعناية كبيرة، ثم تُجفف بأسلوب تقليدي يُحافظ على الطعم.
طرق معالجة الماتشا التقليدية والحديثة
معالجة أوراق الماتشا كانت قديمًا تتم بطريقة وأصبحت الآن تتم بطريقة أكثر سرعة وحداثة، والطريقتان هما:
الطريقة التقليدية
بعد قطف أوراق الماتشا، تبدأ رحلة دقيقة لتحويلها إلى ذلك المسحوق الأخضر المعروف بصفائه وعمق نكهته، تُبخر الأوراق فورًا، في خطوة أساسية توقف عملية التخمر وتحافظ على نكهتها الطبيعية ولونها الأخضر الزاهي، ثم تُجفف بهدوء في الهواء، وتُزال منها العروق والسيقان، للحصول على مادة تُعرف باسم تينشا، هذا الشكل النقي من الأوراق يُخزن في أماكن باردة، حيث تمر الأيام وتتشبع نكهته.
الخطوة الأكثر دقة في هذه الطريقة هي الطحن بالحجارة، هنا، يُستخدم حجر الجرانيت لطحن التينشا ببطء، دون تعريضه لحرارة زائدة قد تُفسد رائحته أو تغير من طبيعته، وقد تمتد الساعة بأكملها من أجل إنتاج مقدار صغير لا يتجاوز 30 جرامًا.
الطريقة الحديثة
أما في المعالجة الحديثة، فقد اجتمعت التجربة القديمة مع أدوات العصر، ولا تزال الخطوات الأساسية قائمة، لكن أُضيفت إليها وسائل أكثر مرونة، فبدلًا من الحصير وحده، تستخدم بعض المزارع أغطية حديثة تُقاوم العوامل الجوية وتُسهل التعامل.
وفي الحقول الواسعة، تظهر آلات دقيقة تساعد في القطف والتنقية، مع الحفاظ على معايير الجودة العالية، حتى المطاحن تطورت؛
بعضها أصبح مزودًا بأجهزة تتحكم في درجة الحرارة وتسرع الإنتاج، دون أن تؤثر في جودة الطحن.
تلك التغييرات لم تُقصي التقاليد، بل حافظت على روحها وأتاحت لمحبي الماتشا حول العالم تذوق مشروب يحمل في طعمه روائح الطبيعة الهادئة.
ما هو طعم شاي الماتشا الياباني؟
يتميز شاي الماتشا بنكهته الغنية المميزة، إذ تُذاب ورقة الشاي كاملةً في الماء بدلًا من نقعها فيه ثم إخراجها، يُنتج عن هذا مشروبًا ناعمًا وكريميًا، بنكهة عشبية مُركبة تُحقق المعادلة الصعبة بين الحلاوة والنكهة المميزة، وكما هو الحال مع جميع أنواع الشاي الأخضر، يحتوي الماتشا أيضًا على لمسة من المرارة.
أنواع مختلفة من الماتشا
يمكن تقسيم الماتشا إلى عدة أنواع ودرجات، ولكل درجة ونوع خصائص مميزة ومصممة لاستخدامات مختلفة:
- الدرجة الأولى: هذا هو أجود أنواع الماتشا، وهو مخصص للشرب فقط، وكما يوحي اسمه، فهو نوع الماتشا المستخدم في مراسم الشاي اليابانية، يتميز بقوام ناعم، ولون أخضر ونكهة حلوة رقيقة.
- الدرجة الممتازة: يُصنف هذا النوع أحيانًا ضمن فئة الشاي المُعد للطهي، ويُحضر عادةً من الحصاد الثاني للشاي بدلًا من الحصاد الأول، هذا يُعطيه نكهةً أقوى وأكثر مرارة، مع الحفاظ على نفس اللون الأخضر الغني والفوائد الغذائية.
- الدرجة المخصصة للطهي: يُستخدم الماتشا المُخصص للطهي في الخبز والطبخ، سواءً بإضافته إلى العصائر أو الآيس كريم أو الكعك أو اللاتيه، أوراقه المستخدمة في تحضيره أقدم قليلاً من أوراق الماتشا الأخرى.
كيفية تحضير شاي الماتشا الياباني
بعد أن شرحنا ماهية الماتشا وما هي أنواعها، لنلقِ نظرة على كيفية الاستمتاع بأفضل كوب شاي ياباني، من السهل تحضير شاي الماتشا في المنزل باستخدام بعض الأدوات البسيطة وباتباع الخطوات البسيطة التالية:
- استخدم الماء الساخن لتسخين وعاء شاي تشاوان أو كوب إذا لم يكن لديك واحد، ثم قم بتفريغه.
- انخل 1 إلى 2 ملعقة صغيرة من مسحوق الماتشا في الوعاء، يساعد هذا على ضمان عدم وجود كتل من الشاي.
- أضف كمية صغيرة من الماء الساخن وليس المغلي، لأن الماء المغلي سوف يحرق المسحوق ويجعل طعم الشاي ليس الأفضل.
- اخفق الخليط باستخدام مضرب يدوي، وإذا لم يتوفر لديك مضرب يدوي، يمكنك استخدام مضرب سلكي أو ملعقة، ولكن لن تحصل على قوام رغوي بنفس الدرجة.
- ابدأ بحركة دائرية لإذابة المسحوق، ثم اخفقه بقوة بحركة متعرجة لتكوين رغوة الشاي.
- أضف المزيد من الماء الساخن إلى الشاي، ثم اخفقه مرة أخرى للحصول على طبقة رغوية في الأعلى.
- والآن استمتع بكوب شاي ماتشا يأخذك إلى الهدوء والاسترخاء.
فوائد الماتشا الياباني الصحية
تتعدد الفوائد الصحية لشاي الماتشا، ومن أهم هذه الفوائد التي أثبتتها الدراسات ما يلي:
- تعزيز الانتباه والتفكير: في كوب صغير من شاي الماتشا يوجد الكافيين وواحد من أهم الأحماض الأمينية وهو الثيانين، وفي إحدى الدراسات التي أُجريت عام 2017، لوحظ أن تناول 200 ملجم من الثيانين ساهم في تحسين الانتباه والقدرات الذهنية، لا سيما عند وجود الكافيين إلى جانبه، التأثير هنا لا يشبه القهوة في اندفاعها، بل يمنح يقظة مصحوبة بهدوء ذهني.
- تقليل مخاطر الإصابة بأمراض السرطان: يحتوي الماتشا أيضا على مضادات الأكسدة ، وأبرزها مركب يعرف باسم إبيغالوكاتشين -3-جالات ، والذي ارتبط في الأبحاث المختبرية بتقليل نمو الخلايا السرطانية.هذه النتائج ليست قاطعة بعد ، لكنها تفتح الطريق لفهم أوسع حول علاقة هذا النوع من الشاي بالصحة العامة والوقاية.
- الحفاظ على صحة القلب: أما بالنسبة لصحة القلب، فقد أظهرت دراسات سابقة أن الشاي الأخضر بمختلف أنواعه، ومنها الماتشا، يُساهم في تقليل نسبة الكوليسترول الضار في الجسم، وخفض مستويات الدهون الثلاثية، وهي عوامل مهمة للحفاظ على انتظام عمل القلب والأوعية.
فوائد شاي الماتشا للتنحيف
في رحلة التنحيف والوصول إلى وزن أفضل، يجد البعض في شاي الماتشا رفيقًا، فالماتشا، بمكوناتها النشطة، قد تلعب دورًا في دعم الجسم أثناء ممارسة النشاط البدني وبعده، ومن أبرز فوائد هذه الماتشا للتنحيف هي:
- بعض الدراسات أشارت إلى أن تناولها بانتظام قد يُساهم في تقليل نسبة الدهون، خاصةً تلك المتركزة تحت الجلد، كما لاحظت حالات انخفاضًا في قياسات مثل مؤشر كتلة الجسم ومحيط الخصر.
- واحدة من أهم النقاط التي تُميز الماتشا هي تأثيرها المحتمل على الأداء أثناء التمارين، فمن خلال دعم التحمل البدني وتسريع تعافي العضلات، يستطيع الجسم الاستمرار في التمرين لفترة أطول، وبجهد أكبر، هذا بدوره قد يزيد من معدل حرق الطاقة.
- وجود مركبات مثل الكاتشينات في شاي الماتشا الياباني تساعد على تنشيط عمليات الأيض، خاصةً في الفترات التي تلي التمارين، حيث يظل الجسم في حالة حرق للدهون.
- الماتشا كذلك تُعتبر بديلًا رائعًا للمشروبات اليومية التي تحتوي على نسب مرتفعة من السكر أو السعرات، كوب منها يقدم طعمًا غنيًا بدون عبء زائد من السعرات.
- ومن الجوانب الأخرى التي تُذكر في هذا السياق، دور الماتشا المحتمل في تنظيم مستويات السكر في الدم، والتقليل من التقلبات الحادة التي تؤثر على الشهية والمزاج، إضافة إلى ذلك، فإن أثرها الهادئ في خفض التوتر قد يُقلل من تناول الطعام بدافع القلق أو التشتت.
كل ذلك لا يعني الاعتماد الكامل على الماتشا وحدها للتنحيف، لكنها يمكن أن تكون جزءًا من نظام متوازن.
فوائد شاي الماتشا للنساء
شاي الماتشا من المشروبات التي لاقت رواجًا بين النساء، نظرًا لما يحتويه من مكونات نباتية قد تساهم في دعم الصحة من أكثر من زاوية، ومن أهم فوائده للفئة النسائية:
- تحسين الدورة الدموية: تحتوي أوراق الماتشا على مضادات أكسدة مثل الكاتيشينات، وهي مركبات تساعد في تنشيط تدفّق الدم، ينعكس هذا على حالة القلب والعضلات ويُعزز من نشاط الجسم بشكل عام.
- تقوية الجهاز المناعي: يُمكن أن يكون للماتشا دور في تقوية الجهاز المناعي، بفضل ما تحمله من فيتامينات وعناصر غذائية مهمة، بالإضافة إلى وجود الثيانين، الذي يُعتقد أنه يُحفز إنتاج خلايا مناعية تُسهم في حماية الجسم من المسبّبات اليومية للتعب والالتهاب.
- العناية بصحة البشرة: فالماتشا تُقدم تركيبة طبيعية قادرة على دعم هذا الجانب من الداخل، بعض التجارب الشخصية تشير إلى تحسن في إشراق الوجه، وتراجع بعض علامات الإجهاد الظاهرة على الجلد، وهو ما قد يرتبط بتأثير مضادات الأكسدة الموجودة في هذا النوع من الشاي.
- العناية بصحة الشعر: أن الشعر أيضًا يستفيد من الفيتامينات والأحماض المتواجدة في شاي الماتشا التي تُقوي الجذور وتُساعد في تقليل التكسر.
- تحسين الطاقة والأداء الرياضي: الكافيين الطبيعي الموجود في الماتشا، إلى جانب الثيانين، يساعد على رفع طاقة الجسم وتنشيط الذهن بدون انفعال زائد، هذا يمنح المرأة فرصة للاستمرار في التمرين، مع تقليل الإحساس بالتعب.
اضرار شاي الماتشا
رغم ما يحمله شاي الماتشا من خصائص مفيدة، إلا أن تناوله بكميات كبيرة أو بشكل عشوائي قد يسبب بعض الآثار الجانبية، خاصةً عند فئات معينة، فيما يلي أبرز النقاط التي تستحق الانتباه:
- زيادة الكافيين في الجسم: يحتوي شاي الماتشا على نسبة ملحوظة من الكافيين، وقد يؤدي الإفراط في تناوله إلى ظهور أعراض غير مرغوبة لدى البعض، مثل الأرق وصعوبة في النوم وتسارع ضربات القلب والصداع واضطرابات في الجهاز الهضمي مثل الإسهال، وهذه الأعراض قد تكون أكثر وضوحًا عند الحوامل، والمرضعات، والأطفال، أو من لديهم تحسس تجاه الكافيين.
- احتمالية التلوث بالرصاص: بعض أوراق الماتشا قد تمتص عناصر ثقيلة من التربة مثل الرصاص، وهو ما يجعل الاعتدال في الاستهلاك أمرًا ضروريًا، خصوصًا عند شربه يوميًا أو بكميات كبيرة.
تجربتي مع شاي الماتشا
ألا ترغب في تجربة شاي الماتشا الياباني بنفسك؟ اعتقد حان الوقت لتجربة هذا الشاي الياباني المميز ولكن يُنصح بالحصول عليه من مكان موثوق لضمان أنه أصلي ومكوناته عالية الجودة، فيتوافر في الأسواق الكثير من الأنواع المغشوشة وغير الموثوق فيها.
الأسئلة الشائعة
ما هي فوائد شاي الماتشا الياباني؟
شاي الماتشا يحتوي على مضادات أكسدة تدعم صحة القلب والمناعة، ويساعد في رفع التركيز وزيادة النشاط البدني بفضل الكافيين والثيانين، كما يُستخدم ضمن أنظمة غذائية تساعد على ضبط الوزن وتحسين نضارة البشرة.
ما هي أضرار شاي ماتشا؟
قد يسبب تناول كميات كبيرة من الماتشا أعراضًا مثل الأرق، وتسارع ضربات القلب، واضطراب المعدة بسبب الكافيين، بعض الأنواع قد تحتوي على آثار من الرصاص، لذا يُنصح بعدم الإفراط، ويُفضل استشارة الطبيب للحوامل أو من لديهم حالات صحية خاصة.